لم تكن المشاركة العربية في أولمبياد بكين في مستوى آمال وطموحات الشارع العربي، مما جعل خيبة الأمل تلقى بظلالها على العالم العربي المُطالب بإعادة رسم سياسة جديدة، بعد أن فشلت جميع السياسات، المنتهجة لحدّ الساعة، في إعداد أبطال أولمبيين بعيدا عن أبطال ''الصدف'' ولذلك يتوجّب على كل من يملك ذرة من المسؤولية العمل على إعداد مشروع ''إنشاء ثقافة الأبطال''.
وتبقى النتيجتان المحققتان من قبل التونسي أسامة ملولي في الـ 1500 متر سباحة حرة البحريني من أصل مغربي، رشيد رمزي، في مسافة الـ1500 متر في ألعاب القوى أهم حدث عربي في الصين.
وإذا كانت ذهبية رمزي، تعد من المكتسبات التي يجب المحافظة عليها، على اعتبار أن هذا الاختصاص أصبح عربيا منذ أولمبياد سيول بعد أن زيّنت رقاب مرسلي، القروج واليوم رمزي، فإنّ التتويج التونسي في سباق 1500 متر سباحة حرّة يعد مفاجأة من العيار الثقيل، على اعتبار أن السباحة العربية لا تملك ثقافة إحراز الألقاب التي يُنظر إليها على أنّها حكرا على الدول العظمى.
وها هو الشاب أسامة بإنجازه الكبير يفرض على أصحاب الشأن العربي ضرورة إعادة قراءتهم للمعطيات التي يجب اعتمادها لإعداد أبطال أولمبيين، خاصة وأنّ لا أحد كان يراهن على السباح التونسي الذي قضى فترات عصيبة بعد حيازته على اللقب العالمي منذ أربع سنوات، عندما اتهم بتعاطيه المنشطات وبعد معركة إدارية كبيرة نجح في إثبات براءته من تهمة تعاطي المنشطات وبأنّه لم يكن على علم بأنّ الدواء الذي تناوله مكون من بعض المواد المحظورة، وها هي أولمبياد بكين تؤكد على أنّ أسامة من طينة الأبطال وبإمكانه أن يكون القاطرة والمثل الذي يجب أن يُتحدى به لتكوين جيل جديد من الأبطال في تخصص كان إلى غاية نهاية الأسبوع الماضي يعد من المحرمات التفكير في الحصول فيه على لقب، كما هو الشأن بالنسبة لنفس المسافة في ألعاب القوى، الذي أضحى من الصعب تصور فائز في الــ1500 متر من غير بطل عربي، وهو ما يشكل عقدة لباقي الدول بما فيها كينيا.