فشل عربي كبير
ودع العالم الرياضي بشكل خاص يوم أمس دورة الألعاب الأولمبية التي نظمتها بكين الصينية وبدأ الانجليز عمليا استعدادهم للدورة القادمة التي ستعقد بعد أربعة أعوام في 2012 . وبلا شك كانت دورة بكين احدي أعظم الدورات الأولمبية وأكثرها نجاحا وانقضت البطولة دون ان يعكر صفوها شيء في الصين التي نجحت وبتفوق تنظيميا أو من حيث تصدرها قائمة الميداليات لأول مرة في تاريخ الالعاب الأولمبية .
مايهمنا عربيا هو الفشل الكبير في هذه المناسبة الرياضية الأكبر عالميا . استمعت الي بعض التعليقات التي أحالت النتيجة الي تفاؤل عربي ليس له مبرر وإن تستر بروح أولمبية قديمة تقول بأن المهم هو المشاركة والروح الرياضية وإحالة ولتفاؤل بنتائج أفضل في الدورات القادمة .
استمعت الي معلق رمي بمسئولية نتيجة مباراة في التايكوندو انتهت 6 - 0 وكان طرفها عربي علي حكم المباراة . وقال آخر أن سوء الحظ وقف أمام عدد من الفرق العربية (رغم مستواهم الجيد).
وتحدث البعض عن المكاسب والخبرة التي تم اكتسابها . ومبدئيا لا جدال في أن النتائج الأولمبية قد تأتي بعكس التوقعات فالعداء الذي يفوز بالذهب قبل الأولمبياد قد يخونه الحظ عندها لكن شتان مابين حظ عاثر ونتائج في مجملها هزيلة .
فدولة صغيرة مثل جامايكا حصلت علي مالم يحصل عليه كل العرب مجتمعين برغم الفارق الرهيب في الامكانيات . علي ان الثابت الوحيد في كل هذه الألعاب هو الفشل الكبير وبالاحري الصفر الكبير جدا الذي خرج به العرب .
لاحظ ان المعلقين يتبعون تقليدا عربيا بات موضة فبعض الرؤساء مثلا يتحدثون عن السياسات العربية السيئة باعتبار أنهم خارج هذا التعميم العربي. وبنفس الثقة يتحدث البعض عن أن هذا الرياضي أهدي العرب الميدالية الذهبية أو الفضية أو البرونزية .
المفهوم العام لذلك أن المقصود هو النتائج العربية وكأنما هذه الهدايا كثيرة وفيرة وليست نادرة بحيث أن ميداليات أثيوبيا او كينيا منفردة أكثر مما أهداه لنا كل الرياضيين العرب . هذا التعميم المريع يهدف الي التعمية والهروب من تحديد مسئولية الرياضيين في كل دولة عربية وكشف الواقع القبيح الذي تعيشه الرياضة العربية .
فعلي كثرة الألعاب كم هي مشاركات العرب في العديد من الرياضات ولماذا غاب العرب عن منصات التتويج في رياضات مفترض أنها جزء من تراثنا ولنا فيها باع تاريخي عريق . لذا فالمهم مناقشة عربية علي مستوي الدول أو أقله علي نطاق كل دولة لوحدها . مناقشة من شأنها إحداث انقلاب جذري في السياسات الرياضية العربية في مجملها بحيث تقود الي مراجعة شاملة للهيئات الرياضية وماذا ينقصها لكي تصنع ابطالا جديرين بمنصات التتويج ومقارعة الابطال العالميين .
المؤكد أن فكرة الرياضة نفسها غير أصيلة في كثير من الدول العربية . ومن ناحية ثانية فالأمر مرتبط بالمؤسسات التعليمية العربية وأيضا الصحية ومستواها ومايمكنها ان تخلق جيلا صحيحا عقليا وبدنيا . أتمني أن يكون القائمون علي الرياضة العربية قد تعلموا شيئا من الصين رغم اعتقادي ان كثيرا منهم لم يقصدوها للعلم.